انقلاب إسبانيا ضد الديمقراطية الكتالونية

خرجت اليوم [الأحد 22 أكتوبر] مسيرة ببرشلونة شارك فيها 450.000 شخص (وفقا للشرطة المحلية) مع تجمع عشرات الآلاف في البلدات والمدن الأخرى في جميع أنحاء كتالونيا، للمطالبة بالحرية لجوردي سانشيز وجوردي كويشارت (المعتقلان بتهمة الفتنة) ولرفض تطبيق المادة الانقلابية 155 من الدستور، التي أعلنها رئيس الحكومة الاسباني راخوي هذا الصباح.

عند نهاية اجتماع مجلس الوزراء اعلن راخوي تفاصيل الاجراءات التي تنوي حكومته تنفيذها وسيتم التصويت عليها من قبل مجلس الشيوخ الاسبوع القادم (ربما الخميس او الجمعة).

تشكل هذه التدابير انقلابا ضد الديمقراطية في كتالونيا. يريد راخوي حل البرلمان الكتالوني (لمدة ستة أشهر أو قبل ذلك، إلى أن يصبح الوضع "طبيعيا مرة أخرى")، ويطرد الرئيس الكتالوني ونائب الرئيس وجميع الوزراء الكتالونيين، ويتولى إدارة الحكومة الكتالونية مباشرة من مدريد، كما سيحد من صلاحيات البرلمان الكتالوني في انتظار الانتخابات (لن تكون للبرلمان سلطة انتخاب رئيس، أو التصويت على عدم الثقة في السلطات، ويتوجب على أي قانون يريد أن يمرره أن تتم الموافقة عليه أولا من قبل مجلس الشيوخ الإسباني الذي سيكون له صلاحيات حق النقض).

وبالإضافة إلى هذه الإجراءات العامة، ستكون للحكومة الإسبانية سلطات استثنائية للسيطرة على الشرطة الكتالونية والمالية والاتصالات ووسائل الإعلام العمومية في كتالونيا (لصالح "الحياد").

هذه فضيحة مدوية، حيث سيقوم حزب لم يحصل سوى على نسبة 8,5 % فقط من الاصوات فى كتالونيا، بالسيطرة المطلقة على حكومتها.

وقال سياسيون بارزون من الحزب الشعبي إنه عندما ستجري الانتخابات في كتالونيا، لن يسمح للأحزاب التي تدافع عن الاستقلال بالترشح على أساس هذا البرنامج. بمعنى أنهم سيطبقون مقولة: إذا كنت لا تستطيع الفوز في الانتخابات، فامنع خصومك من الترشح!

وقد تم الاتفاق مسبقا على هذه التدابير مع الحزب الاشتراكي وحزب المواطنين، وبدعم من الملك أيضا بطبيعة الحال. هذا ليس تدبيرا اتخذته حكومة الحزب الشعبي وحدها، بل هو رد فعل دفاعي من قبل كل النظام الذي قام على أساس دستور 1978.

كما وجه المدعي العام تحذيرا للرئيس الكتالوني بأنه اذا أعلن الاستقلال ردا على هذه الاجراءات فسيتم توجيه الاتهام اليه بالتمرد وهو الاتهام الذى يعني حكما بالسجن لمدة 30 عاما ويمكن ان يتعرض للاعتقال قبل المحاكمة. ويمكن أن يتعرض لنفس المصير كل أعضاء الحكومة الكتالونية وأعضاء البرلمان إذا ما هم كانوا طرفا في ذلك الإعلان.

أحزاب الحكومة الكتالونية: الحزب الديمقراطي الأوربي الكتالاني (PDECAT )، وحزب اليسار الجمهوري الكتالوني (ERC) فضلا عن حزب ترشيح الوحدة الشعبية (CUP) و كتلة CSQP (الائتلاف الكتالوني بين بوديموس واليسار المتحد)، نددت بحق بهذه التدابير باعتبارها انقلابا ضد الديمقراطية. وقد وقع عدد من القياديين البارزين في الحزب الاشتراكي الكتالاني (الفرع الكتالاني للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني) على رسالة معارضة لهذه الإجراءات، واستقال ستا كولوما من اللجنة الاتحادية للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني.

كما أن الطابع الدكتاتوري للتدابير المقترحة وضع تحالف عمدة برشلونة آدا كولاو مع الحزب الاشتراكي الكتالاني في المجلس تحت الضغط. كما ان الحزب الوطني الباسكي (PNV) البورجوازي القومي، الذى يدعم حكومة الحزب الشعبي، عارض ايضا استخدام المادة 155.

كانت مظاهرة اليوم ضخمة. كانت القطارات المتجهة نحو برشلونة مكتظة وكانت الشوارع مليئة بالناس حتى قبل أن تبدأ المظاهرة. كان المزاج السائد بين المحتجين هو الغضب والتحدي. كما حضر المظاهرة أيضا عدد كبير من القادة السياسيين الذين يعارضون الاستقلال ويجادلون ضد إعلانه بشكل أحادي الجانب.

في الساعة 7:30 مساء، بعد المظاهرة، أصدرت رئاسة البرلمان الكتالوني بيانا صحفيا، على لسان رئيسه كارم فوركاديل، نددت فيه بالتدابير وقالت إن البرلمان الكتالوني لن يتزحزح عن موقفه.

وفي وقت لاحق، في 9:00، أدلى رئيس كتالونيا ببيان تلفزيوني استنكر فيه التدابير وأعلن أنه سيدعو لعقد البرلمان الكتالوني لمناقشة هذه المسألة. والملاحظ هو أنه لم يعلن الاستقلال ولم يقل إنه سيطلب من البرلمان ان يفعل ذلك. كما انه لم يشر الى الاجراءات التي تنوي حكومته اتخاذها لمقاومة تدابير الحكومة المركزية.

هناك الكثير من الضغوط من جانب قواعد الحركة من أجل إعلان الاستقلال وتنظيم العصيان المدني الجماهيري لمقاومة تلك التدابير. وهناك حديث عن إضراب عام. وقد قامت لجان الدفاع عن الاستفتاء من مختلف المدن والأحياء بالتعبئة للمظاهرة، وطالبت خلال المناقشات التي تمت في الأيام القليلة الماضية بإعلان الجمهورية.

إننا ندخل أسبوعا حاسما في مسار هذا النضال. والحكومة الكتالونية، على الرغم من تذبذبها، ليس لديها سوى هامش صغير جدا للمناورة. وفى خطابه الاخير الى راخوي، يوم الخميس الماضي، أعلن بيغديمونت انه سيضطر الى اعلان الاستقلال اذا استخدمت المادة 155.

والسؤال المطروح هو: إذا تم الإعلان عن جمهورية كتالونية، كيف يمكن الدفاع عنها؟ من الواضح للجميع أن الاتحاد الأوروبي، الذي لقادة الحزب الديمقراطي الأوربي الكتالاني (PDECAT )، وحزب اليسار الجمهوري الكتالوني (ERC) إيمان كبير فيه، لن يتدخل لصالح الحقوق الديمقراطية ولن يخل بالوضع الراهن.

إن الطريقة الوحيدة التي يمكن بها تحقيق الجمهورية هي الوسائل الثورية. وإذا كانت الأغلبية الحكومية والبرلمان الكتالونيين جادين في موقفهما، فينبغي عليهما أن يعلنا الاستقلال ثم ينظما المقاومة، على الأعضاء أن يعتصموا في مكاتبهم ويدعوا الشعب إلى التنظيم والدفاع عن المباني والمؤسسات الديمقراطية من خلال المظاهرات الجماهيرية والعصيان المدني وشن اضراب عام ثوري لشل الاقتصاد.

على حزب ترشيح الوحدة الشعبية (CUP) ولجان الدفاع عن الاستفتاء واجب طرح هذا المنظور والبدء في البناء على أساسه، بغض النظر عما تفعله الحكومة الكتالونية أو لا تفعله. لقد أظهر السياسيون البرجوازيون والبورجوازيون الصغار بالفعل تذبذبهم في مناسبات عديدة. من الواضح أن أمثال ماس وسانتي فيلا وغيرهما يخربون الحركة في كل مرحلة. لا يمكننا الانتظار لنرى ما يريدون القيام به.

ويتحمل قادة حركة معا نستطيع (Unidos Podemos) مسؤولية هائلة بدورهم. لقد كان موقفهم في الأسابيع القليلة الماضية كارثيا، بدعوتهم إلى الحوار وإلقاء اللوم "بعدم المسؤولية" على كلا الجانبين. كان عليهم عوض ذلك أن يفسروا الطابع غير الديمقراطي في الأساس لنظام 1978 وينظموا الكفاح للدفاع عن الحقوق الديمقراطية للشعب الكتالوني، وربط ذلك بالنضال ضد التقشف الرأسمالي، ومن أجل مناصب الشغل والسكن والغذاء ووضع حد لنظام 1978.

لقد انفتحت فرصة ثورية في كتالونيا، والسؤال هو: هل ستكون هناك قيادة قادرة على إنجاز المهام المطروحة؟

يدافع الماركسيون دون قيد أو شرط عن حق الشعب الكتالوني في تقرير المصير ويطالبون بجمهورية كتالونية اشتراكية تكون الشرارة لإشعال حركة ثورية إيبيرية.

عنوان النص بالإنجليزية: