ترامب يسعى لتغيير النظام، ونحن نقول: إرفعوا أيديكم عن فنزويلا!

لقد قررت الولايات المتحدة أن الوقت قد حان لـ "تغيير النظام" في فنزويلا، وهي تعمل بشكل حثيث لتحقيق ذلك. كما أن الإمبرياليين قد عينوا "رئيسا مؤقتا" وعبئوا "المجتمع الدولي" للاعتراف به. وقاموا بالاستيلاء على الأصول الفنزويلية في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرضوا على البلد عقوبات اقتصادية. وهم الآن يطالبون الرئيس مادورو بالتنحي كما يدعون الجيش الفنزويلي للإطاحة به إذا ما رفض ذلك. إن هذه محاولة انقلابية إمبريالية، على كل مناضل اشتراكي، بل وكل ديمقراطي منسجم، واجب التصدي لها.

[Source]

لا يتعلق الأمر بمجرد محاولة أخرى تشنها المعارضة الفنزويلية الرجعية لإسقاط مادورو، بل بخطة تم رسم تفاصيلها في واشنطن. كان رئيس الجمعية الوطنية، التي تسيطر عليها المعارضة، خوان غوايدو، قد سافر إلى الولايات المتحدة في شهر دجنبر الماضي، حيث التقى بمسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية وتلقى تعليمات محددة. بعد ذلك قام البيت الأبيض بحشد جميع حلفائه في أمريكا اللاتينية وكندا لكي يعترفوا به على أنه "الرئيس الشرعي" بمجرد أن يعلن نفسه كذلك.

الإمبرياليون يحركون الدمى

تشارك أعلى مستويات السلطة في الولايات المتحدة في هذه المحاولة الانقلابية: مايك بنس، مايك بومبيو، جون بولتون وبالطبع يقف، من وراء الكواليس، المتحدث باسم المافيا الكوبية في المنفى، السناتور ماركو روبيو.

وكما لو أن كل هذا لم يكن كافيا لبعث رسالة واضحة حول ما يحدث، فقد عينت الولايات المتحدة إليوت أبرامز بصفته الشخص المسؤول عن تنسيق العمليات "لاستعادة الديمقراطية" في فنزويلا. أبرامز هذا هو شخص سبق أن أدين بجريمة الكذب على الكونغرس بشأن فضيحة "إيران-كونترا" [1] والتي تورط فيها بشكل كبير. كما أنه دعم وحمى الكثير من الأنظمة الإجرامية وفرق الموت في غواتيمالا والسلفادور خلال ثمانينيات القرن الماضي، ونظم عمليات تمويل عصابات الكونترا الدموية الرجعية في نيكاراغوا، ونظم غزو العراق، كما تعتبره بعض المصادر أنه الشخص الذي "أعطى الضوء الأخضر" للانقلاب المدعوم من الولايات المتحدة الذي شهدته فنزويلا في عام 2002.

يجب أن يكون واضحًا للجميع أن لا أحد من هؤلاء لديه أدنى اهتمام بما يطلق عليه اسم "الأزمة الإنسانية" في فنزويلا، وأنه من المؤكد أن ما يحركهم ليس الاهتمام "بالديمقراطية" أو "حقوق الإنسان". وهو ما أكده جون بولتون بصراحة في مقابلة له مع فوكس نيوز، عندما قال:

«نحن منخرطون الآن في محادثات مع الشركات الأمريكية الكبرى... سيكون من المهم إذا توصلنا إلى أن تنتج الشركات الأمريكية النفط في فنزويلا.»

إن ما يريد الإمبرياليون إقامته في فنزويلا هو حكومة طيعة للقضاء على كل ما تبقى من مكتسبات الثورة البوليفارية، وتمكينهم بطبيعة الحال من الاستيلاء على أكبر احتياطيات النفط في العالم، والتي تقع على بعد مسافة قصيرة من الولايات المتحدة. لقد كان هذا هو هدفهم منذ 20 عاما، حتى قبل تنظيمهم لذلك الانقلاب قصير الأمد ضد شافيز عام 2002.

إنهم يرون أن الوقت الملائم قد حان، بالنظر إلى تأثير الركود الاقتصادي الهائل الذي تمر به فنزويلا، وصعود الحكومات اليمينية في كولومبيا والبرازيل والأرجنتين وشيلي، وبالتالي فإن لديهم فرصة لكي ينجحوا في مسعاهم.

ستكون كارثة إذا ما هم انتصروا وتمكنوا من إقامة حكومة عميلة للولايات المتحدة في فنزويلا. فمن وجهة النظر الاقتصادية والاجتماعية، سبق لغاييدو أن أعلن برنامجه: إنه برنامج خصخصة جميع الشركات المؤممة (الصلب والاتصالات والإسمنت والكهرباء، الخ)، وإعادة الأراضي الكبرى المصادرة إلى أصحابها السابقين، وعمليات تسريح جماعية لموظفي القطاع العام واتفاقيات مربحة في مجال النفط لصالح الشركات متعددة الجنسيات الأجنبية، إلخ.

علاوة على ذلك يمكننا أن نضيف أن مثل هذه الحكومة ستدمر كل مكاسب الثورة البوليفارية، أي التعليم المجاني للجميع بما في ذلك التعليم العالي، والرعاية الصحية المجانية للجميع، وبناء 2,5 مليون منزل للمحتاجين، الخ. ولكي يتمكن نظام كهذا من ترسيخ نفسه، سيستخدم أساليب وحشية لسحق مقاومة الجماهير البوليفارية في الأرياف وفي المناطق الفقيرة بالمدن الرئيسية والتي ستقاتل من أجل الدفاع عن مكاسبها.

لنقاوم الانقلاب: ارفعوا أيديكم عن فنزويلا!

من وجهة النظر السياسية سيكون لانتصار الإمبريالية في فنزويلا تأثير سلبي على جماهير العمال والفلاحين في جميع أنحاء القارة.

لهذه الأسباب كلها لا يمكننا أن نقف على الحياد. إننا نعارض بشكل مطلق هذه المحاولة الانقلابية التي حركها ترامب وبولسونارو.

لقد أدت الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد طيلة السنوات الأربع الماضية إلى تقويض قاعدة دعم حكومة مادورو وأدت إلى إحباط شريحة من الجماهير البوليفارية. حدثت الأزمة بفعل الانخفاض الحاد في أسعار النفط وتفاقمت بسبب الفساد. ويضاف إلى ذلك العقوبات الأمريكية العدوانية خلال العامين الماضيين. لكن السبب الجوهري للأزمة هو محاولة القيام بنصف ثورة، وإدخال بعض الضوابط والرقابة على السير العادي للرأسمالية، وفي الوقت نفسه ترك القطاعات الاقتصادية الرئيسية في أيدي الخواص. إن ما يحدث في فنزويلا لا يدل على "فشل الاشتراكية"، بل يدل على استحالة تنظيم الرأسمالية، والكارثة التي يسببها تدخل الدولة في الاقتصاد في ظل الرأسمالية.

ما زال الجيش حتى الآن مخلصا لحكومة مادورو. توجد لدى العديد من جنرالات الجيش مصلحة مباشرة في الحفاظ على النظام ما دام يضمن لهم السلطة والامتيازات. لكن موقفهم هذا يمكنه أن يتغير إذا شعروا أن الهجوم الإمبريالي يتقدم.

إن الطريقة الوحيدة لهزم الانقلاب هي الاعتماد على جماهير العمال والفلاحين الثوريين، الذين هبوا في كل المرات السابقة وأنقذوا الثورة البوليفارية. ولا يمكن القيام بذلك إلا من خلال تلبية احتياجاتهم الأكثر إلحاحًا من حيث الأجور وتوفير المواد الغذائية وتحسين مستويات المعيشة. لا يمكن هزيمة الانقلاب إلا باتخاذ إجراءات ثورية جريئة.

لقد استولى الإمبرياليون على الأصول الفنزويلية في الولايات المتحدة، لذلك ينبغي على فنزويلا أن تستولي على الفور على جميع الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات العاملة في البلد. يجب مصادرة أملاك جميع الرأسماليين والمصرفيين وملاك الأراضي المشاركين في الانقلاب ووضعها تحت الرقابة العمالية. يجب تسليح العمال والفلاحين للدفاع عن الثورة في مواجهة التدخل العسكري الأجنبي، الذي قال ترامب إنه غير مستبعد. يجب تأسيس لجان ثورية داخل الجيش من قبل الجنود والضباط الثوريين لمراقبة المتآمرين والانقلابيين الذين قد تشتريهم الإمبريالية.

هذا هو السبيل الوحيد للمضي قدما. إن استمرار المساومات والتنازلات لصالح الطبقة السائدة، وهو ما قاد أصلا الحركة البوليفارية إلى الطريق المسدود، ستكون سياسة انتحارية وستمهد الطريق للهزيمة. وفي الوقت نفسه يجب تنظيم حركة تضامن أممية قوية مناهضة للإمبريالية في جميع أنحاء العالم. لا للانقلاب: ارفعوا أيديكم عن فنزويلا!

هوامش:

[1]: فضيحة "إيران كونترا" والتي عرفت أيضا باسم "إيران غيت"، صفقة سرية (ما بين 20 غشت 1985 و04 مارس 1987) باعت بموجبها إدارة الرئيس الأمريكي ريغان أسلحة لإيران، بوساطة إسرائيلية، على الرغم من قرار الحظر الذي كانت تفرضه عليها رسميا. وقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية أرباح الصفقة لتمويل أنشطة الحركة الارهابية الرجعية المعروفة آنذاك بـ"الكونترا" والتي كانت تحارب للإطاحة بحكومة حزب "ساندينيستا" اليسارية في نيكاراغوا. -المترجم-