المغرب: النظام والرأسماليون هم الأعداء الحقيقيون!

ننشر، في ما يلي، الترجمة العربية لمقال الرفيق أنس رحيمي، الذي نشر لأول مرة في جريدة منظمة Revolution (الثورة)، الفرع البلجيكي للتيار الماركسي الأممي. ونعتبر أن الأفكار التي يتضمنها ليست مقتصرة على المغرب لوحده، بل على جميع أقطار شمال افريقيا والشرق الأوسط.


[Source]

«يمضي الخروف حياته كلها خائفا من الذئب، لكن من يذبحه في الأخير هو الراعي» -مثل مغربي-

بعد مرور مدة طويلة على إعلان الصين تسجيلها لأول حالة (دجنبر 2019)، وبعد 10 أيام على إعلان ايطاليا تسجيل الحالات الأولى، أعلن المسؤولون المغاربة تسجيل أول حالات الاصابة بفيروس كرونا، يوم 02 مارس، ونسبوها طبعا إلى “عوامل خارجية”، حيث أعلنت السّلطات اصابة مغربي قادم من إيطاليا، ثم سائحين فرنسيين، بعد ذلك توالت الحالات، لتصل إلى 2024 حالة (يوم 51أبريل 2020) بعد مرور حوالي 54 يوما عن تسجيل أول اصابة، توفي منهم 126، حسب الأرقام الرسمية.

وبعد التهاون الأولي الذي تعاملت به السلطات في البداية مع الجائحة، خوفا من التأثير على الاقتصاد والأرباح بطبيعة الحال، انتقلت إلى اتخاذ مجموعة من التدابير التي غلب عليها التخبط. فقامت بتعليق الرحلات الجوية مع الصين، وفي نفس الوقت أعلنت عن استقبال مجموعة من الطلبة المغاربة المتواجدين هناك، وزعمت تشديد المراقبة في الموانئ والمطارات، في حين أكد الكثير ممن مروا عبر تلك الموانئ والمطارات، في شهاداتهم على يوتوب وغيره من وسائل التواصل، أنه لا يوجد أي شيء من ذلك على أرض الواقع، الخ.

وبدأت التدابير تتزايد إلى أن أعلنت عن فرض “حجر صحي” على المواطنين، تم تشديده تدريجيا، ليصل إلى حالة طوارئ صحية تمتد من 20 مارس إلى غاية 20 أبريل.

وبمجرد فرض الحجر الصحي، نزلت قوات الأمن ثم تلتها مدرعات الجيش إلى الشوارع، “للسهر على حسن تطبيق الحجر الصحي”، وهو ما استغلته الدولة طبعا لكي تحكم قبضتها أكثر فأكثر، وكثيرا ما لجئت إلى تدخلات عنيفة ومهينة، كالشتم والرّكل والصفع، حسب الفيديوهات المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي.

خطة “استباقية وفعالة”

صاحبت كل هذه الخطوات حملة إعلامية مركزة الهدف منها تصوير الدولة، وخاصة “جلالته”، باعتبارهم يقومون بالواجب وأكثر. وبالفعل، ألم تقدم الدولة المساعدات لمن فقدوا مناصب شغلهم؟ أليس المغرب من البلدان الأقل تسجيلا للمصابين حيث لم يتجاوز لحد الآن 2000 حالة والأقل تسجيلا للوفيات بأقل من 200؟ مما يجعل وضعه أفضل بكثير حتى من الولايات المتحدة !!!

بالفعل هذا ما يقال، لكن الواقع شيء آخر. حيث أن هؤلاء السيدات والسادة لا يغفلون، بكل اريحية، سوى عن بعض المعطيات التافهة جدا، وهي أن قيمة المساعدة المالية الشهرية تتراوح ما بين 800 درهم (حوالي 86 دولار) للأسرة المكونة من فردين، و1000 درهم (حوالي 107 دولار) للأسرة ما بين 3-4 أشخاص، و1200 درهم (129 دولار) للأسرة المكونة من 4 فما فوق، وهو المبلغ الكاف جدا إذا كان الانسان زاهدا في الحياة فلا يأكل ولا يشرب ولا يحتاج إلى منزل، وكل التفاهات الأخرى…

ستظهر أهمية هذا المبلغ على وجه الخصوص إذا قارناه بالمبلغ الذي يمتصه القصر الملكي كل سنة من الميزانية العامة والذي يبلغ 230 مليون أورو، أي 19 مليون أورو في الشهر، أي 638 ألف أورو في اليوم، فقط لا غير!!!

أما ما يتعلق بالحالات القليلة فإنه ينبغي أن نقول إن المغرب ورغم مرور أكثر من 40 يوما على اكتشاف أول حالة فإنه ما يزال في قاع الترتيب فيما يخص عدد الاختبارات. المغرب حسب إحصاءات  WorldOMeters  (15أبريل 20) بالكاد وصل إلى 10.359 اختبار لساكنة تقدر بحوالي 36 مليون نسمة، وراء بلدان تعيش الحروب والظروف الصعبة مثل العراق الذي قام بـ 46.135 اختبار، من بين ساكنة تبلغ حوالي 38 مليون نسمة، وفلسطين 17.329 اختبار من بين ساكنة بالكاد 5 ملايين نسمة، وبلدان أخرى تعاني الحصار الإمبريالي مثل كوبا 20.451 اختبار لساكنة تبلغ 12 مليون نسمة وفنزويلا 225.009 لساكنة تبلغ 29 مليون نسمة، الخ. وبالتالي فإن المسألة لا تتعلق بفعالية “جلالته” أو حكومة “جلالته”، بل على العكس تماما.

وهذا طبيعي بالنظر إلى البنية التحتية الصحية المهترئة. فبعد 60 سنة على ما سمي استقلالا ما زال المغرب لا يمتلك سوى عدد قليل جدا من المستشفيات وأسرة الإنعاش وما إلى ذلك. طبعا فما الحاجة إلى الاستثمار في كل تلك الأشياء بينما يمكن استعمال الأموال في مجالات أخرى مثل التسلح والأجور الخيالية لكبار المسؤولين، أو ببساطة تهريبها إلى الخارج (حجم الأموال المهربة من المغرب إلى البنوك الخارجية خلال الفترة الممتدة ما بين 2004 و2013، فاق الـ41 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل ثلثي ميزانية المغرب السنوية.)

والنتيجة هي أن مستشفيات المغرب لا تمتلك سوى 1640 سرير إنعاش، لما يقارب 40 مليون نسمة، لا يمتلك منها القطاع العام سوى 684 فقط ! وإذا أخذنا مجمل الفترة الممتدة من 1960 إلى 2014، سنجد أن أسرة المستشفيات شهدت انخفاضا بـ 31%. كما أنه ليس للمغرب اليوم سوى 6,2 طبيب و8,9 ممرض لكل 10.000 نسمة! حسب منظمة الصحة العالمية.

إنها كارثة بكل المقاييس. لكن لا “جلالته” ولا حكومة “جلالته” كانوا مهتمين بهذه الوضعية، لأن أغلبية الوزراء وأعضاء الطبقة السائدة لديهم جنسيات مزدوجة وجميعهم يخرجون إلى أوربا للعلاج؛ لم تظهر المشكلة إلا عندما انغلق العالم أمامهم، لكنهم رغم ذلك لم تنقصهم “الحلول” حيث قرروا أن الأسرة الموجودة لا بد أن تخصص لأصحاب “الدماء الزرقاء”، بينما يطلب من الآخرين، الأغلبية، أن يبقوا في منازلهم ويثقوا في أن مناعتهم كفيلة بإنقاذهم.

ولا ينبغي أن ننسى في هذا السياق أن “جلالته” قد غادر المغرب ليحتمي بجزر الكناري، في يخته الفاره البالغ ثمنه 90 مليون أورو.

“في مركب واحد”؟

خلال كلمته أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية بالبرلمان، ناشد وزير الداخلية “حسّ المواطنة لكي نتمكن من أن نتجاوز معا هذه الأزمة”، مؤكد على أن المغاربة يوجدون جميعا في نفس المركب.

يا له من مركب هذا! إنه مركب عجيب سيدفع حتى النبي نوح إلى أن يشعر بالحسد. فهو ليس قادرا فقط على حمل الدجاجة إلى جانب الثعلب، بل قادر حتى على أن يحمل الأطباء إلى جانب السيد الوزير الذي قمعهم قبل سنتين عندما خرجوا للاحتجاج على الأوضاع الكارثية للقطاع. هذا المركب قادر أيضا على أن يحمل العمال المفقرين بأجور البؤس إلى جانب مصاصي دمائهم الذين ما زالوا يفرضون عليهم العمل دون أي ضمانات للحماية!

المخزن هو الذي يعرف كل شيء، وعليه يجب علينا أن نقتنع أن الدولة صارت فجأة قلقة بشأن صحة المواطنين!! فنفس الدولة التي ما زالت تعتقل مئات شباب حراك الريف وحكمت عليهم بمئات السنين من السجن، فقط لأنهم طالبوا ببناء مستشفى في منطقتهم المهمشة، صارت فجأة تخاف على صحة الشعب.

علينا أن نقتنع أن نفس الدولة التي تقتل المتظاهرين العزل، وأطلقت الرصاص على شابة بريئة كل ذنبها أنها كانت تريد الهجرة في قارب بعيدا عن بلد لم يعطها لا عملا ولا كرامة، قد صارت تهتم لمصير ملايين المغاربة. وعلينا أن نقتنع كذلك أن نفس الدولة التي تترك 20 ألف طفل يموتون كل سنة بأمراض قابلة للعلاج بسهولة (مثل الاسهال وسوء التغذية الخ) ولا تبالي بموت مائة إنسان كل سنة بسبب لسعات العقارب، قد صارت فجأة تشعر بالحنان ومعهم في مركب واحد. المخزن لا يخطئ، وبما أنه قالها فلا بد أنه محق!

قوانين الحظر لا تطبق على الجميع

رغم أن عدد التحاليل التي أجريت بالمغرب بالكاد تجاوزت رقم 10.000 بقليل، فإن عدد المعتقلين بتهمة “خرق الحظر” قد تجاوز 28.000 شخص!! وطبعا لا يعاقب من بينهم سوى العمال الذين فرضت عليهم ظروفهم الخروج للكفاح من أجل البقاء في ظل هذه الظروف الصعبة. أما من لديهم معارف في الحكومة، مثل أخت القيادية في حزب العدالة والتنمية، فيمكنهم الاتصال برئيس الحكومة أو بشخصية نافذة لكي يتم إطلاق سراحهم بعد الاعتذار لهم.

كما أن هذا القانون لا يطبق طبعا على أصحاب المصانع الذين فرضوا على العمال الاشتغال دون أن يكلفوا أنفسهم توفير ولو الحد الأدنى من وسائل الحماية لهم. ينتقل العمال في وسائل نقل مكتظة ويعملون ملتصقين معا ولساعات طويلة، تحت تهديد الطرد من العمل… والنتيجة هي إصابة العشرات من بينهم في مختلف المناطق الصناعية، وخاصة طنجة والدار البيضاء وفاس. ناهيك عن أسرهم والمخالطين لهم (85 في الدار البيضاء، 66 في مراكش، 21 في طنجة، 68 في فاس).

هل تحركت الدولة لمعاقبة هؤلاء الرأسماليين؟ كلا بطبيعة الحال! هل تحركت النقابات؟  مستحيل فالوقت الحالي “للوحدة” و”السلام الاجتماعي” (من جانب واحد)، الخ، الخ.

يؤكد كل هذا أنه لا الحكومة ولا النظام الرأسمالي قادران على مساعدة المجتمع على مواجهة الجائحة، بل إنهما بالضبط ما يمنعانه من مواجهتها بسبب عقود من سياسات التقشف والقمع والسعي نحو الربح ولو على حساب حياة الملايين من الرجال والنساء.

من يدفع الثمن؟

رغم تصريحات السيد وزير الداخلية حول “المركب الواحد” فإن الواقع هو أن الأزمة ليست مقسمة بشكل عادل على جميع “الركاب”! فبينما ينسحق ملايين العمال والفلاحين، والفئات الأكثر هشاشة، تحت ثقل أزمة رهيبة مع انتشار البطالة والغلاء والسياسة القمعية، يعيشون الجوع بشكل يومي وصعوبة الحصول على الحد الأدنى الضروري للبقاء، ناهيك عن خطر الإصابة بالفيروس في المصانع والضيعات والأحياء المكتظة والتي ينعدم فيها النظافة وأحيانا حتى الماء النقي؛ تسارع تلك الأقلية من الطفيليات الرأسماليين إلى الاستفادة من الوضع الى اقصى الحدود، وتراكم الأرباح الطائلة برفع وتيرة الاستغلال والغلاء والمتاجرة في كل شيء بما في ذلك المواد الغذائية الفاسدة والكمامات المضرة بالصحة، الخ.

تدعونا الصحافة الرسمية إلى أن نكون “منصفين وألا ننسى الإشارة إلى المساهمات الكبيرة التي قدمها العديد منهم لصندوق مكافحة كورونا”، والتي تقدر بالملايير. طبعا، لكن لكي لا نفسد هذه الصورة الجميلة، ينبغي ألا نشير إلى أن كل تلك المبالغ ليست سوى فتات من ثروات هائلة راكموها باستغلال عمل العمال وثروات البلد طيلة عقود، وبطرق تعتبر إجرامية حتى بمقاييس الرأسمالية. كما يجب ألا نشير إلى أنهم ساهموا من أجل إنقاذ نظامهم بالذات. لكن يجب خصوصا ألا نشير إلى أنهم لم يقوموا بذلك إلا بعد تأكيد وزير الاقتصاد أنه سيتعامل مع مساهماتهم باعتبارها “مصاريف قابلة للخصم” أي أنه سيعفيهم من الضرائب مقابل كرمهم، وأخيرا ليس من اللباقة في شيء أن نشير إلى أنهم واقفون الآن أمام باب الحكومة ينتظرون منها أن تعطيهم حقهم من مساعدات نفس الصندوق، كما طالب بذلك بوضوح الاتحاد العام لمقاولات المغرب.

العدو الحقيقي

في المغرب، مثلما هو الحال في كل أنحاء العالم، ليس الفيروس هو الأزمة؛ بل مجرد المحفز الذي سرع سيرورة تراكمت قبل مدة طويلة. وقد سبق لنا نحن الماركسيون أن شرحنا ذلك في الكثير من وثائقنا.

السبب الحقيقي للأزمة هو النظام الرأسمالي نفسه. فالفيروس ليس المسؤول عن خراب قطاع الصحة والتعليم، ولا الاقتطاعات المتتالية والخصخصة، مما جعل المجتمع عاجزا عن المواجهة عندما تطلب الأمر ذلك.

السعي المحموم من أجل الربح، الذي هو غاية الرأسمالية الوحيدة، هو ما حول حياة ملايين الناس إلى جحيم من خلال تكثيف الهجمات على مستويات عيشهم وظروف عملهم، وسرع وتيرة تخريب البيئة وجميع عناصر الحضارة.

كانت الأزمة خانقة أصلا، فجاءت الجائحة فزادت الأمور سوءا إلى درجة كارثية. كان المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، قد توقع منتصف مارس الماضي، ألا تتجاوز نسبة النمو 1%، لكنه عاد يوم الاثنين 13 أبريل إلى مراجعة توقعاته بشكل جذري، وصرح لوكالة EFE، الاسبانية أن النمو سيكون سلبيا (1,8% -)، خلال الدورة الثانية من السنة الجارية، وقال إن المغرب سيسجل أسوء سنة له في هذا القرن.

هذا هو ما لدى الرأسمالية لتقدمه، أزمات تلو أزمات. والطبقة العاملة وعموم الفقراء هم من يؤدون الثمن. الرأسماليون وحكومتهم بدأوا يشحذون سكاكينهم استعدادا لمرحلة ما بعد كورونا. فقد قررت الحكومة تجميد الترقيات لعمال وموظفي القطاع العام، كما قررت الاقتطاع من أجورهم، بمن فيهم عمال قطاع الصحة، وكذلك اللجوء المكثف إلى الاقتراض… مما يعني رمي كل ثقل الأزمة على كاهل الكادحين ولأجيال كثيرة مقبلة.

لقد بدأ الرأسماليون منذ الآن يطالبون بتدخل الدولة لمساعدتهم على الحفاظ على أرباحهم ما بعد الجائحة، وذلك على حساب الشعب طبعا. وفي هذا السياق نشر أخنوش (وزير ورجل أعمال) مؤخرا مقالا، كتبه له بالتأكيد أحد أتباعه، ليقدم وجهة نظر قسم كبير من الطبقة السائدة لما يجب القيام به بعد كورونا. حيث قال: إنه على الدولة أن تستدين لتساعد “الفاعلين الاقتصاديين”. أي أن شعارهم هو: “خصخصة الأرباح وتأميم الخسائر”.

ستكون المرحلة المقبلة صعبة جدا على الطبقة العاملة. التفكيك الذي تعرضت له العديد من القطاعات واختفاء الكثير من المقاولات الصغيرة والمتوسطة سيرفع البطالة إلى مستويات غير مسبوقة. الاقتطاع من الأجور والغلاء، ومختلف الهجمات التي ستنفذها الطبقة السائدة ودولتها على العمال، ستزيد أوضاعهم سوءا.

الطبقة العاملة مكبلة بقيود بيروقراطية نقابية مجرمة لا هم لها سوى الدفاع عن النظام القائم، كما يوضح ذلك توقيعهم الإجرامي مؤخرا على قرار الاقتطاع من أجور العمال وصمتهم عن الرد على مختلف الاعتداءات التي تتعرض لها الطبقة العاملة. كما أنها لا تمتلك حزبها السياسي الذي يمكنه أن يوحدها كطبقة ويعطيها برنامجا للنضال. كل هذا سيترك أثره على الطبقة العاملة وقدرتها على الرد على المدى القريب.

لكن الأكيد هو أنه بمجرد مرور الجائحة، سوف تعود الطبقة العاملة إلى المصانع والشوارع ووعيها أكثر تطورا مما قبل. ستعود وقد رأت بعينها إلى أين أوصلتنا سياسة التقشف والخصخصة، ومختلف السياسات التي فرضتها الحكومات المتتالية. كما رأت الاحتقار الذي تتعامل به الدولة والرأسماليون مع حياة العمال ومعاناتهم. كما ستكون قد رأت أيضا أن القطاع العام هو من وقف في وجه الأزمة وليس الرأسماليون الخواص الذين كل ما قاموا به هو الاختباء تحت أسرة نومهم.

عندها ستنهض للنضال، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي. وستطالب بوقف الهجمات ضد الصحة والتعليم وستقف في وجه الغلاء والقمع. وسيتم ذلك النضال في ظل ظروف عالمية مواتية، حيث الصراع الطبقي على جدول الأعمال في كل أنحاء العالم. ستستعيد الطبقة العاملة المغربية تقاليدها الثورية، وتستلهم من خبرة نضالات عمال العالم، كما أنها ستقدم لهم خبرتها.

في ذلك السياق ستصير الأفكار الماركسية، التي تقترح نظاما ثوريا بديلا، قائما على سيطرة العمال أنفسهم على الثروات التي ينتجونها وتوجيهها بشكل مخطط لخدمة المجتمع ككل، ذات جاذبية كبيرة. وسيصير من السهل على العمال أن يفهموا لماذا عليهم ألا يتركوا مصيرهم في يد أقلية من الطفيليات، وأنه عليهم أن يأخذوا الزمام بين أيديهم.

لن يكون تطور الوعي تدريجيا بالضرورة، بل سيحصل بطفرات. هذا هو المنظور الذي علينا أن نستعد له ببناء القيادة الثورية التي يمكنها أن تجعل هذه السيرورة قصيرة الأمد ومنتصرة، من أجل تشييد مجتمع اشتراكي ستكون فيه الحياة نظيفة صحية جميلة ومتحررة من كل قمع وكل عنف!